samedi 19 décembre 2015

حول نشر مدونة الشعر الشعبي التونسي



"بالمناسبة سيصدر قريبا جدا عن الدار العربية كتاب مدونة الشعر الشعبي التونسي في عشرة أجزاء إعتمادا على ما تم تدوينه بداية من الستينات عن رواة الشعر من "الادبا" والغناية من طرف مصلحة اﻷدب الشعبي بوزارة الثقافة تحت إشراف محمد المرزوقي وبمساعدة محي ادين خريف وصالح المليتي.
ولقد علمت من عديد الرواة عن عمليات تلاعب بمخطوطات وسفائن الشعر الشعبي من طرف عثمان منسية الذي يبدو أنه استغل موقعه ليبيع بعضها لمكتبات أوروبية. وللأمانة لم أقف على ثبوت هذا الكلام من عدمه رغم تواتره من طرف أكثر من راوي.
والمعلوم أنه تم "شطب" هذه المصلحة ووقع ترحيل اﻷرشيف للمكتبة الوطنية التي منها انطلقت أعمال نسخ اﻷرشيف ولا ندري من هو الفريق الذي قام بالتحقيق ومراجعة اﻷشعر والتثبت من موازينها ومقاطعة صياغتها المختلفة وهل تم ذكر السند والرواة الذين وقع اعتمادهم لتسجيل القصائد.
مع العلم أنه تم إعلام المشرفين على النسخ والتركيب باهتمامي وتخصصي بالموضوع ففهم بعضهم أني مجرد مصحح ولهم ما يكفيهم من المصححين! وهكذا تم إبعادي أو نسياني أو تناسيني من هذا العمل لا أدري ما هي الأسباب.
""
هذا ما كتبته منذ مدة في صفحة نادي الأدب الشعبي في انتظار أن يكون بين يدي الكتاب وأن اطـّلع على محتواه وأن أعلق على محاسنه وهناته بكل موضوعية. وما أن حصلت على المجلدات انغمست فيها مجلدا مجلدا وسرعان ما تمكنتني خيبة الأمل وتبين لي أن ما حصل ليس بعيدا عمَّا يحصل في عديد المجالات في أعقاب ما اتفق على تسميته بالثورة أي شكل آخر من أشكال قسمة الغنائم ولا ترتقي بالمرة لما هو منتظر في التعامل مع الذاكرة الجماعية والتراث الغير المادي رغم ما جاء في مقدمة الكتاب من تصريح بالنوايا.
        بصورة عامة ودون الدخول في التفاصيل تبدو حصيلة أعمال ما سمي بالهيئة العلمية التي أشرفت على إنجاز هذه المدونة دون ما وقع القيام به في مراحل سابقة في مصلحة الأدب الشعبي بالوزارة رغم محدودية امكانيتها المادية والعلمية وانشغالها بالتوظيف السياسي للشعر الشعبي سواء كانت مهرجانات وعكاضيات ومناسبات وأعياد قومية، مع العلم أن لهذه اللجنة العلمية مؤاخذات كبيرة كاهتمامها المبالغ فيه للمسائل العروضية من أوزان وعروض وأغراض مختلفة، مهملة الأغاني المغناة لما لها من اختلالات عروضية حسب قولها... والقارئ، عند وقوفه على هذه المآخذ وغيرها لا يسعه إلا أن ينتظر من هذا العمل الجديد إضافة نوعية وقفزة علمية تعيد الاعتبار إلى ما أهمله السابقون من درس وتحليل وشروح مختلف الجوانب الغنائية والإيقاعية والنغمية وكذلك للوظائف الاجتماعية والأبعاد الأنطروبولوجية لأغاني البلاد التونسية بمختلف جهاتها ومهاويها، الشيء الذي لا يتوفر بالقدر الكافي للجنة علمية محدودة الموارد والآفاق وربما أيضا الكفاءات الضرورية للإقدام على مثل هذه المهمة الضخمة والتي تتطلب تعدد الاختصاصات والانفتاح على التقنيات والأساليب والمعايير المعتمدة في مجال جمع ودرس وصيانة التراث الغير مادي كما تنص عليه توصيات اليونسكو.
        بين التصريح بالنوايا والنقد لما أنجز منذ الستينات جمعا ونشرا – مهما كان متواضعا- ودراسة –مهما كانت محدودة- وما تمخض عنه عمل الهيئة العلمية بون شاسع كما ومخجل كيفا ما يجعلني لا أقف على ما وقع اختياره وما لم يقع دمجه ولا على ما نسب لزيد وهو في الحيقة لعمر، ولا على ما تسرب من أخطاء نسخ وطبع – وقع التنبيه إليها كنوع من التلقيح أو الحصانة من النقد والمؤاخذة في التنويه – بل سأقف على نقطة وحيدة لا أجد لها تفسيرا ولا عذرا وهي إقدام الهيئة على تصوير كتاب " الديوان المعرب في أقوال إفريقيا والمغرب لكونستنتان سوناك والذي صدر بباريس عام 1902 والمتوفر في دار الكتب الوطنية ومكتبة إبلآ وكذلك على شبكة الأنتارنات في ملف PDF ، ودمجه بأكمله في المجلد الثاني ثم إعادة نشر خمسة عشر قصيدة من نفس الكتاب في باب " شعراء جزائريون"
ليس هناك ما يدعو للفخر أو التباهي بهذا الإنجاز بالعكس ربما كانت فرصة مهمة لتدارك نقائص تراكمت لعقود ولم يكن البتة هناك داع للإسراع بإصدار هذه المدونة مهما كان نحن انتظرنا طويلا وما حصل من الدمار في الموروث الغير مادي لا يقدر بأشهر أو سنوات كانت ضرورية لنجاز عمل يفخر به من ساهم فيه ويعتز من يُقَدم له من الأجيال القادمة.



Aucun commentaire: