samedi 25 décembre 2010

الفصل السادس والعشرون من مقدمة ابن خلدون في أن العرب إذا تغلـَّبوا على أوطان أسرع إليها الخراب


والـبـيـت لا يبـتـنـي الا لـــه عــمــد لا عـمــاد اذا لــــم تــــرس اوتــــاد
فــــان تـجــمــع اوتـــــاد واعــمـــدة ساكـن بلغـوا الأمــر الــذي كــادوا
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم لا ســـراة اذا جهـالـهـم ســــادوا

الافوه الاودي

و السبب في ذلك أنهم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش و أسبابه فيهم فصار لهم خلقاً و جبلةً و كان عندهم ملذوذاً لما فيه من الخروج عن ربقة الحكم و عدم الانقياد للسياسة و هذه الطبيعة منافية للعمران و مناقضة له فغاية الأحوال العادية كلها عندهم الرحلة و التغلب و ذلك مناقض للسكون الذي به العمران و فناف له فالحجر مثلاً إنما حاجتهم إليه لنصبه أثافي القدر فينقلونه من المباني و يخربونها عليه و يعدونه لذلك و الخشب أيضاً إنما حاجتهم إليه ليعمدوا به خيامهم و يتخذوا الأوتاد منه لبيوتهم فيخربون السقف عليه لذلك فصارت طبيعة وجودهم منافية للبناء الذي هو أصل العمران هذا في حالهم على العموم و أيضاً فطبيعتهم انتهاب ما في أيدي الناس و أن رزقهم في ظلال رماحهم و ليس عندهم في أخذ أموال الناس حد ينتهون إليه بل كلما امتدت أعينهم إلى مال أو متاع أو ماعون انتهبوه فإذا تم اقتدارهم على ذلك بالتغلب و الملك بطلت السياسة في حفظ أموال الناس و خرب العمران و أيضاً فلأنهم يكلفون على أهل الأعمال من الصنائع و الحرف أعمالهم لا يرون لها قيمة و لا قسطاً من الأجر و الثمن و الأعمال كما سنذكره هي أصل المكاسب و حقيقتها و إذا فسدت الأعمال و صارت مجاناً ضعفت الآمال في المكاسب و انقبضت الأيدي عن العمل و ابذعر الساكن و فسد العمران و أيضاً فإنهم ليست لهم عناية بالأحكام و زجر الناس عن المفاسد و دفاع بعضهم عن بعض إنما همهم ما يأخذونه من أموال الناس نهباً أو غرامة فإذا توصلوا إلى ذلك و حصلوا عليه أعرضوا عما بعده من تسديد أحوالهم و النظر في مصالحهم و قهر بعضهم عن أغراض المفاسد و ربما فرضوا العقوبات في الأموال حرصاً على تحصيل الفائدة و الجباية و الاستكثار منها كما هو شأنهم و ذلك ليس بمغن في دفع المفاسد و زجر المتعرض لها بل يكون ذلك زائداً فيها لاستسهال الغرم في جانب حصول الغرض فتبقى الرعايا في ملكتهم كأنها فوضى دون حكم و الفوضى مهلكة للبشر مفسدة للعمران بما ذكرناه من أن وجود الملك خاصة طبيعية للإنسان لا يستقيم وجودهم و اجتماعهم إلا بها و تقدم ذلك أول الفصل و أيضاً فهم متنافسون في الرئاسة و قل أن يسلم أحد منهم الأمر لغيره و لو كان أباه أو أخاه أو كبير عشيرته إلا في الأقل و على كره من أجل الحياء فيتعدد الحكام منهم و الأمراء و تختلف الأيدي على الرعية في الجباية و الأحكام فيفسد العمران و ينتقض. قال الأعرابي الوافد على عبد الملك لما سأله عن الحجاج و أراد الثناء عليه عنده بحسن السياسة و العمران فقال: تركته يظلم و حده و انظر إلى ما ملكوه و تغلبوا عليه من الأوطان من لدن الخليقة كيف تقوض عمرانه و اقفر ساكنه و بدلت الأرض فيه غير الأرض فاليمن قرارهم خراب إلا قليلاً من الأمصار و عراق العرب كذلك قد خرب عمرانه الذي كان للفرس أجمع و الشام لهذا العهد كذلك و أفريقية و المغرب لما جاز إليها بنو هلال و بنو سليم منذ أول المائة الخامسة و تمرسوا بها لثلاثمائة و خمسين من السنين قد لحق بها و عادت بسائطه خراباً كلها بعد أن كان ما بين السودان و البحر الرومي كله عمراناً تشهد بذلك آثار العمران فيه من المعالم و تماثيل البناء و شواهد القرى و المدر و الله يرث الأرض و من عليها و هو خير الوارثين.

4 commentaires:

Unknown a dit…

هذا البيت من قصيد الأفوه الأزديّ و هو أحد شعراء الجاهلية

البيت لا يبنى إلا على عمدٍ ولا عماد إذا لم تُرْس أوتادُ
فإن تجمّع أوتادٌ وأعمدة يوماً فقد بلغوا الأمر الذي كادوا
لا يصلحُ الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جُهَّالهم سادوا

Azwaw a dit…

شكرا لكم سي مختار سعيد بتعليقك الذي في محله تأكدت من ذلك بعد البحث. رغم أني وجدنه في المقدمة( تعليق في الحاشية ولا في صلب النص) منسوب للإمام علي بن أبي طالب.
على كل سعيد باالزيارة والتعليق والإفادة سأتدارك الهفوة

alia tabai a dit…

Si Ali, ahla bik
Afin d'éviter les lectures biaisées du magnifique Ibn Khaldoun, je me permets de préciser que par arab, il entend al a'raab. Faut-il rappeler que le Coran n'a pas eu, non plus, la dent très tendre avec les a'raab et que les poètes Abou Nawas et Bachar se sont amusés, pour notre plus grand bonheur, à lister les tares des a3arib!
Sujet passionnant qui mérite que le naj3 des esprits libres y fassent halte ou longue escale.

Cordialement,
Alia Tabaï

Azwaw a dit…

@ Alia: oui je suis à peu prés d'accord avec vous sur les risques des lectures biaisées ou trop simplifiées et mécanistes, toutefois cette notion (devrais-je dire concept) de Ûmma "أنهم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش" qu'utilise Ibn Khaldoun comme premier qualificatif des A3rabs me laisse perplexe; d'où une ambiguïté qui pourrait en découler de la lecture et de l'interprétation. Je pense qu'un approfondissement de la question s'impose, qu'entendons -nous par 3Arab d'une part et par A3rab de l'autre....
Merci de ton passage et de ton commentaire.