mercredi 29 juillet 2015

أوجاع


لا الوجع نسَّاني ولا عطاني هجْعَه

بين الوَجْع وولد الوَجْع

تتعَوّدْ وتستمتع بنصف الوَجْع

وبين وجعين تخطف غمضة

من ما نساه الوجع من دقات القلب

وتعاود تحيى

وتحلم 

وتحب

ونمنِّي نفسك بنهاية اﻷوجاع

وتفتَّحْ عيونك وتلقى ما تبَقـَّى ضاع

وترضى من القليل ببعض قليل

قبل طياح الليل.


---------------------
كتابات مهتوفة

mardi 21 juillet 2015

حق الثقافة "الشعبية" الوطنية في بث الصورة وحق المبدعين الوطنيين للنفاذ للبث.


الجزء الثاني

3-    حكاية الموسيقى والغناء
لكل منا، أبناء جيلي تمثـُّله وتصوره للموسيقى والغناء، ولكل بحسب جذوره وبيته الداخلي وبيئته مخزونه من الترنيمات والأنغام قبل أن تتدفق على مسامعه الأصوات والإيقاعات ومختلف الآلات. حتى سن التمدرس في قريتي النائية، لم يكن السجل السمعي المُغَنَّى، سواء بالحنجرة أو بالقصباية آلة النفخ البدائية أو زكرة "عبيد" الدويرات الطنافرة،  يتجاوز – في مخيالي الصغير- أكثر من بضع ترنيمات بما فيها هدهدات النسوة لأطفالهن أو ترنيماتهن من وراء مناسجهن، أو مهاجات الرعيان أثناء سروخهم أو خلال طقوس الجز.
غير أن في كل هذه الضوضاء الحنينية رسخت في ذاكرتي ظاهرتان متميزتان للغاية: أولهما، أغاني طقوس الحناء تؤديها بعض النسوة الآئي اكتسبن شهرة جعلت منهن نجوم كل الأفراح لدرجة تمكنهن من تحويل تلك الطقوس الفرحة الجذلى إلى مشهد تراجيدي يكون فيه للبكاء وللعويل  حضور رهيب يتملك من الجمع دون أن يقدر أي كان من الحد منه أو حتى محاولة التخفيف منه. في تلك المناسبات، تستدعي النسوة، تحت وطأة الشجن الخالص الذي تولده المنشدتين، شحنة من الحزن والأسى المُرَكـّز يستحضرن فيه كل من غاب من القدامى وكأنهن ينكرن على أنفسهن حق الفرح بدونهم. حلقات "المريدية"  تُتَقاسم فيها الأدوار بين العروس التي تسلم أمرها للمُحنِّية وأترابها وقريباتها ورافعات الشموع والمنشدتين والصفوف الثانية من النسوة الآئي ينتظرن إشارة استدعاء البكاء عندما تتحول إحدى المنشدتين من طبقة الإنشاد الطبيعي إلى طبقات الجواب فيتحول الصوت إلى ذبذبات كهربائية تسري في الأبدان مثيرة قشعريرة تتوجه مباشرة إلى الغدد الدمعية...وإلى يوم الناس هذا أحن بشكل خاص لهذه الطقوس أواصل البحث عن الفرصة الذهبية لتوثيقيها لما لها منأبعاد تتجاوز الزمن والأجيال لترتقي لنوع من القدسية الإنسانية.
أما الثانية فهيى مرتبطة بطقس الجحفة عشية خروج العروس من بيت أهلها متجهة لبيتها الجديد، بيت عريسها. فضلا على هيبة المشهد المرئي من لباس النسوة وحليهم ولباس الرجال والشباب بحواليهم الناصعة البياض وأسلحتهم المعلقة على أكتافهم، يستأثر المشهد السمعي خلال هذا "الترحال" بلب الحضور بداية بإيقاع الطبالة الذين يتقدمان الجحفة ويعدِّلان الميزان على خطى الجمل المقل للهودج بنغمات نص "الشهيدي" حتى يستقر الموكب في ساحة "الملاقاة" بالدويرات ، بينما يترقب الشباب على أحر من الجمر إشارة تحول الإيقاع إلى الجريدي أو تحديدا نص الميز ورقصة السلاح.أعتقد جازما، بالرغم أنه بالنسبة لي، ووقتها عبارة موسيقى لا وجود لها في معجمي ولا في خيالي، أن هذه الإيقاعات وما يرافقها من العزف على آلة الزكرة إضافة للرقصات المصاحبة لها، هي أول ما رسخ في خيالي من عالم الموسيقى.
أعتقد أن هذا المخزون البدائي لأبناء جيلي كل في جهته وفي عمق تاريخه الاجتماعي والبيئي، هو نقطة الانطلاق لما يكون بيته الداخلي بمختلف أثاثه المرئي والمسموع والمحسوس بمختلف الحواس، قبل تداخل العناصر الدخيلة على المحيط الأسري سواء كانت المدرسة أو الشارع أو أجهزة المذياع والتلفاز وغيرها من أدوات التواصل التكنولوجية الجديدة.
أما الدفعة الثانية من الأنغام والمربكة بعض الشيء، فقد كانت في عامي الأول من لمدرسة الفراكو آراب هناك في أقاصي الدويرات الحبيبة، بين المعلم التونسي والمعلم الفرنسي...فالمعلم الفرنسي جاء ضمن مهمة "تحضيرية" (Civilisatrice) طبقا لمهام مدرسة جول فيري الحاملة للواء الحضارة الفرنسية "التنويرية" ومن أولى هذه المهام تعليمنا، نحن صبيان ذاك المكان المقطوع عن العالم، النشيد الوطني الفرنسي ( La Marseillaise) حتى وإن اضطر لقوة عصا الزيتون التي تلهب سيقاننا وأكفنا !!! وبين لا مارسياز بعجمتها الفرنسية وعجمتها النغمية و نص الشهيدي أو الطواحي  مسافات لا تقاس بوقت المسير أو أيام أو الأودية والهضاب.... لكن مع هذا وتجنبا للسع مشغيط الزيتون رسخت لا مارسياز وكأنها أول عملية اغتصاب ذهني... في حين كان المعلم التونسي العكاري يرد الفعل بتحفيظنا نشيد "حيوا العلم"، لكن رغم صدق حيوا العلم وشرعيته لم يرسخ من نغمه شيء في حين رسخت لا مرسياز إلى يوم الناس هذا!! هل يعود هذا لعبقرية "روجي دو ليل" أم لضحالة ملحن حيوا العلم....
يتبع

lundi 20 juillet 2015

حق الثقافة "الشعبية" الوطنية في بث الصورة وحق المبدعين الوطنيين للنفاذ للبث.

رشاد المناعي، فرحات يامون وحمادي بن عثمان بالحمامات (مسرحية الجازية 74)
  223296_10150235750928454_691838453_8535394_1758708_n.jpg
  توفيق الجبالي وعلي سعيدان (مسرحية القاسم عزاز باريس 73)
 
 n691838453_1927169_861.jpg
عاي سعيدان راضيه الحلواني ورجاء بن فرج (مسرحيى القاسم عزاز باريس 73)
الجزء لأول
         1- فاصل شخصي.

لم أسع قط، طيلة مسيرتي الثقافية –الموازية لمسيرتي المهنية- أن ازاحم "أصحاب المهنة" من العاملين في مجال الإنتاج السمعي البصري أو الفرجوي. منذ أن "تمكـّنت" منِّي "عدوى" متعة الإنشاد والتمثيل والكتابة نثرا أو شعرا في ديناميكية الجماعة وما تولدها من التنافس ورغبة التميز مع أقراني بترشيح المعلمين ثم في معترك الشبيبة المدرسية، خامرتني في وقت ما فكرة مواصلة دراستي في الفنون الركحية، غير أني سرعان ما أقلعت عنها لعدة أسباب، رغم أن "الفيروس" بقي متمكنا مني يكافؤني بسعادة تقاسم الهاجس الفني والثقافي مع البعض من أصدقائي الذين تفرغوا للمسرح أمثال توفيق الجبالي ومحمد إدريس ومحمد رجاء فرحات وسمير العيادي والفاضل الجزيري وفرحات يامون ورشاد المناعي وغيرهم في أعمال كان بعضه خارج مجال الإحتراف في أواخر الستينات كمسرحيات "البعد"(La Distance) لسمير العيادي و(La dégingolade)  لصالح القرمادي ومسرحية  (L’opéra de Mahagony) لبرتولد براشت واقتباس فرج شوشان، أو في 73 بباريس في مسرحية "القاسم عزاز" التي شاركت في جزء من كتابتها وتقمص دور الشخصية المركزية فيها (القاسم عزاز) والتي أخرجها محمد إدريس، أو مسرحية الجازية (74) ضمن فرقة مسرح الجنوب بقفصة والتي أخرجها الفاضل الجزيري أو نسختها الثانية (93) بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات، حيث قمت بصياغة دراماتورجيتها وأخرجها محمد رجاء فرحات.

2- شيء من التاريخ.

بيت القصيد هو أن هاجس العمل الثقافي بمختلف أوجهه ضل ملازما لي وربما تحول إلى طبع مستمر في أذكاه الإلتزام السياسي وما غذَّاني في سنوات الدراسة الباريسية من الأفكار الجديدة التي تزامنت وربما سبقت وكانت في نفس الوقت المنطلق والناتج لحركات الشباب الطلابي بمختلف المركبات الجامعية من سان فرنسيسكو إلى برلين وروما وباريس . من المؤكد أن مقاربة أغلبيتنا للعمل الثقافي وقتها لم تبق كما انطلقنا بها من تونس حتى وإن كانت بعض الأفكار بدأت تتفتق براعمها بشكل عفوي أومحاكاتي من خلال قراءاتنا لبراشت أو بيسكاتور و أنتونان آرتو أو تجارب المسرح الوطني الشعبي الفرنسي مع جان فيلار أو تجارب جان ماري سيرو وروجي بلانشون وغيرهم...

في أواسط الستينات تمت، في برامج وتصورات الحزب الإشتراكي الدستوري صياغة موقع الثقافة ووظيفتها في علاقتها مع الشباب بشكل عفوي وغير مؤدلج، وفقا لما انبثق عن مؤتمر المصير ببنزرت سنة 1964 من إعادة هيكلة المنظمات الشبابية بصهرها كلها ضمن منظمة "إتحاد الشباب التونسي"، حيث فقدت الحركات الكشفية استقلاليتها وتم دمج منظمة "مضائف الشباب" المستقلة والمنضوية تحت منظمة دولية، في صلب "الجمعية التونسية لسياحة الشباب" (ATTJ).

هذا الالتفاف الشامل على كل حركات الشباب والشبيه لحد كبير لما هو عليه في المعسكر الاشتراكي، والذي يُرمى من ورائه "وقاية" الشباب من عدوى انتشار الأفكار التقدمية واليسارية التي بدأت تتفتح براعمها في الجامعة التونسية وعبر نوادي الفلسفة بالمعاهد الثانوية، لم يكن مسنودا بخطاب فكري أوسياسي من القيادة الاشتراكية الدستورية وقتها لضعفها على مواجهة الأفكار "الآشتراكية العلمية" بأفكار "اشتراكية دستورية" !!! مما ترك الأمور غير موضحة عمليا ومؤطرا شبه بوليسيا وديماغوجيا بتحذير الشباب من مغبة مخالطة "التقدميين والشيوعيين" ومطالعة كتابات ماركس ولينين!!! إلى أن جاءت التوضيحات في إحدى خطب الرئيس بورقيبة لتشرح محتوى النشاط الثقافي الشبابي وتقلصه في "شيء من الموسيقى والعزف على الآلات وغناء المالوف وإخراج مسرحيات أو مشاهد هزلية...." وقد كانت مجموعات الشبيبة المدرسية الأكثر استهدافا في هذا السياق، وكانت في نفس الوقت الأكثر تناقضا في ما بين مكاتبها الجهوية إد كانت بعضه أكثر تناغما مع النهج الترفيهي و"المنوعاتي" في محتوى برامجها الموسيقية والمسرحية في حين كان التيار التجديدي للنخبة الناشطة بالمكتب الجهوي بتونس الأكثر توقا للتجديد بعيدا عن الترفيه أو الاختلاط التي لم تعد موضوع رغبة الساعة والمرحلة

يتبع

samedi 11 juillet 2015

مع الايام

ترجمة حرة عن Avec le temps. Léo Ferré


مع الايام
مع الايام، ضياع،
كل شي ضياع
وننسى الصمايل وننسى النبرات
والقلب اذا نسى النبضات،
زايد تمشي لأبعد البعاد،
ريِّح وارتاح يكون أحسن وفرات
***
مع الايام
مع الايام، ضياع،
كل شي ضياع
لاخر اللي عشقناه،
وتحت الرّذاذ فقدناه
لاخر اللي في دورة بالنظر تحسسنَاه
بين الكلمات وبين السطور وتحت استار
عاهد ازيان سرى بين تلافيف ليلـُه
مع لايام، الكلْ حزّم رحيلـَه
***
مع الايام
مع الايام، ضياع،
كل شي ضياع
حتـَّى أحلى الذكريات، خليقتها تدوان
وفي غارق الاقجار نفرّت في مرافع الأكفان
في ليلة سبت وقت ما الحنانة تسّرسب  بلاش خلآن....
***
مع الايام
مع الايام، ضياع،
كل شي ضياع
لآخر اللي فيه العز، مستبرد والا يكِزْ
لآخر اللي يتهداله الكلام اللي يهزه الريح والذهب الوهاج
اللي على خاطره الواحد يبيع روحه بزوز صوردي
واللي قدامه، يمرد كيما تمرد الكلاب
مع لايام، كله ضياع وكلـُه لاباس
***
مع الايام
مع الايام، ضياع،
كل شي ضياع
يتنسى وهج النيران ويتنسى الصوت المزيان
اللي يقولك بالهمسة كلام الناس الحنان
ما تروّحش إمخّر ياسر، 
ولف على اجنابك لا تاخذ برد وانت صقعان
***
مع الايام
مع الايام، ضياع،
كل شي ضياع
تتهد وتبياض كما كوت مهجور، إذا نشف عرقه  وراض
تبرد وتصقع على فراش من باب الاعراض
وتحس روحك وحدك، ممكن، أمَّا هاني وماكش مغتاض
وتحس روحك ضَحْكِتْ عليك ما ضاع من الاعوام،
وقتها صحيح
مع لايام لا عاد لا عشق ولا محبه لاغرام.