mardi 2 juin 2015

"فهمت الحاصل معناها" أو خطاب بورقيبة وتوحيدالدارجة السياسية التونسية






حتى لوقت موش بعيد ياسر وربما حتى لأيامنا هاذي في بعض الجهات ، كل جهة تتميز بلكنة خاصة بيها في لغتها برغم اللي هي دارجة تونسية. وفي السنوات الأولى من الاستقلال كانت هالوضعية بأكثر حدة وكانت تشكل نوع من التفرقة بين التوانسة حتى إذا كان ما كانتش تفرقة "عنيفة" أما كانت تكون نوع من الحاجز اللي ينضاف للحواجز ألأخرى متاع الجهويات والعروشية والمنطق متاع بلدية وآفاقية والآ سواسة وزرنات والآ صفاقسية وعرب وغيرها من الظواهر السلبية المنتشرة في أكثر من مدينة وجهة ووطن من بر تونس.
التفريق بين سكان البلاد كان عادة البعض ياخذها مأخذ الوصف البريء وبرشة يشحنوه بالسلبية، وكنت كتبت في النص متاعي على "كيفاش نكون تونسي" واللي تبعته بما قاله محمد بن عثمان الحشايشي على هاالمسألة، وأن من مزايا المدارس والمعاهد والمبيتات أنها مزجت التلامذة بمختلف أصولهم وخلاتهم يقربوا من بعضهم وتقرب لهجاتهم وتتعارف فيما بينها وتولد بالشوية بالشوية لهجة تونسية موحدة نوعا ما خاصة قبل ما تنتشر بصورة جماهيرية الراديوات والتلافز.
ثمة في تاريخ تونس المعاصر أربعة شخصيات مهمة كان عندها دور فعّال ومحدد في تطور اللغة ربما موش مباشرة في وقتهم – وهذا أمر طبيعي- أما مع الوقت وتوة بالمباعدة الباحث المتثبت يحس بيه.
الشخصية الأولى هو أبو القاسم الشابي اللي شكل قطيعة تامة في تداول اللغة الفصحى واللي كانت محنطة وحكر على لحاسة الأقلام من القرون الفايتة. الشابي تناول لغة فصيحة بسيطة في تعابيرها ومشحونة في صورها وخيالها الشعري لدرجة أنها ظهرت في وقتها وكأنها لغة جاية من كوكب آخر بالنسبة للمتعلمين وبالخصوص للزواتنة واللي البعض منهم نعتوه بالجنون وكانوا ينشوا عليه الولاد الصغار في الحومة اللي يسكن فيها باش يرميوه بالحجر ويعيطوا عليه بكونه مهبول.
الشخصية الثانية هو علي الدوعاجي، اللي، تحت تأثير جماعة تحت السور وبمعاشرة بيرم وازدهار نوعا ما للحركة الصحفية وانتشار الجرايد وولع عدد كبير منهم بالشعر الغنائي والأزجال والفكاهة وبداية الراديو، حرر قريحته في عديد الأعمال اللي انتشرت في الصحافة في وقتها وخاصة الإذاعية من روايات وبرامج فكاهية متعددة. علي الدوعاجي كان يكتب بدارجة جديدة ما هيش مطبوعة بكونها بلدية وخاصة بأهالي حاضرة تونس، هي دارجة مكتوبة موش منطوقة يحب يقول فيها مجهود ذهني في صياغتها وتراكيبها وخيالها وهذا شيء مهم، زيادة على أنه استعملها بكثرة في كتيبة الأغاني متاعه اللي لليوم ما بهتش بريقها ورونقها وزينتها كيف حب يتبدل يتجدد و الا دور العتاب وغيرهم.
الشخصية الثالثة قريبة من علي الدوعاجي في الفترة التاريخية وفي التوجه من ناحية الكتيبة وإن كان مختلف عليه في أغراضه. صحيح اللي العروي كتب البعض من النصوص المسرحية المقتبسة كيف ما كتب الدوعاجي زادة، أما ما كانس في نفس الخيال الشعري ونفس العالم كيف الدوعاجي. العروي كان مزدوج التركيبة كان أكثر منه متكلماني منه مبدع جديد لأشياء من روحه ومن خياله. اللي تعرف بيه عبد العزيز العروي هوما الحكايات اللي كان يحكيهم في الراديو والأغلبية متاعهم مقتبسين من الحكي العالمي يلبسهم كسوة محلية والا شرقية بالمقابلة ساعات مع أصولهم الغربية. في عبارة مختصرة العروي كان صنايعي كلام، قلفة خدمته مرتوبة يعطيلها الوقت باش يتقنها ويخرجها في حلة ما فيهاش لولة، والدوعاجي كان بالأساس شاعرمتمكن من لوغته يعطيها الحرية باش تجنح كيف ما تشتهي وتحب القريحة الشعرية.
الشخصية الرابعة والمهمة واللي كان عندها الدور الفعال والمحدد في صهر وبنيان اللغة التونسية الدارجة المعاصرة هو بلا منازع الحبيب بورقيبة. الحبيب بورقيبة اللي البارح احتفلنا بالذكرى الستين لرجوعه، واللي برشة مؤرخين وسياسيين اهتموا بالجوانب المتعددة من مسيرته ومن تفكيره ومن منهجه السياسي ولكن قلة إذا كان ما قلناش حتى حد من المختصين في علم اللسانيات ما اهتم بالخطاب السياسي المنطوق متاعه وتأثيره الكبير في تجميع التونسيين حوله فهمًا في مرحلة أولى ومن بعد صياغة عند السياسيين اللي خدموا معاه وتأثروا بيه وصاروا بدورهم يخاطبوا في الشعب بطريقته وحتى عند معارضيه فيما بعد.
الحبيب بورقيبة كان ربما العنصر المهم الثاني بعد المدرسة اللي كان عنده على المدى المتوسط والبعيد الدور الهام في انسجام وتقارب لغة التوانسة وتوحيدها. الحبيب بورقيبة وبرغم الهزات والرجات اللي مرت بيها تونس واللي مرت بيها مسيرته من العركة الأولى بينه وبين صالح بن يوسف ربما ما نجحش ميا في الميا في التوحيد السياسي بين التوانسة ولكن أكيد اللي نجح في توحيدهم في جزء كبير ياسر من خطابهم اللغوي. وعلى ذكر الفتنة بينه وبين صالح بن يوسف ربما الإنتصار الأول والحاسم اللي حققه بورقيبة كان في المجال الخطابي يحب يقول اللغوي.
وكان كيف يقول" فهمت الحاصل معناها" وهو يستجمع في شتات أفكاره باش يواصل خطابه، كان ياخذ في نفس وترتيحة ويخللي المستمعين متاعه معللقين في نوع من Stand by وكأنه يقول لهم ما تمشيوش هاني راجعلكم... والمختصين في الموسيقى الكلامية والفونيتيك يعرفوا مدى تأثير الجرس الصوتي متاع شخصية ما على سامعيه من عبد الناصر للقذافي أو لهتلر أما ما تميز بيه بورقيبة بينه وبين التوانسة مسألة تتجاوز المحبة والكره والتقدير والا قلة الاحترام هي مسألة طبعت أكثر من جيل من التوانسة عن طريق الخطابات المباشرة في الساحات العامة والآ الراديو والتلفزة فيما بعد. توحيد لغة التوانسة وانسجامها كان للحبيب بورقيبة دور فعال فيها.
الحركية والوجهة متاع التعامل بالدارجة ما هياش جديدة وترجع لبدايان الصحافة في تونس وتوجّهولها أصحاب الجرايد الهزلية كيف الزهو متاع الحاج عثمان الغربي والآ البوق وبوڨشّة وجحا وجحجوح والسردوك والسرور والشباب متاع بيرم التونسي في رجوعه لتونس والقنفود والفرززو والوطن متاع بن فضيله. وحتى بعد الاستقلال – وبعد ما تم القضاء شبه نهائيا على الصحافة الهزلية والمستقلة- وقع التوجه "الشعبوي" لبعث جرائد مكتوبة بالدارجة في اغلب الحال بنية "التأطير" والإحاطة بالطبقة العاملة أو لكسبها سياسيا سواء كان من الاتحاد كيف جريدة "الخدّام" والا من الحزب الاشتراكي الدستوري وقت ما حس "بالخطر" اللي يتهدد الجالية العاملة بالخارج وبعث جريدة بلآدي. وفي المقابل وفي تطور حركة "آفاق" بيرسبيكتيف، هي بدورها بعثت دوريتها العامل التونسي اللي كان فيها "عم خميس" المولدي زليلة يشكّل العنصر المحوري بملزوماته وڨسماواته في النفس الشعبي الأصيل لتقديم الأخبار عن النضالات العمالية وإضراباتها الى جانب تحاليل الأوضاع السياسية في تونس من وجهة نظر المنظمة الماركسية اللينينة. ولربما شيء مهم أنه الباحثين في المجال اللغوي والأبسني ينكبو على ارشيف المنظمة ويحاولو يحللو المجهود اللي توصلواو الجماعة في تعريب وتدريج الترمينولوجية الماركسية اللينينة سواء كانت اقتصادية والمتعلقة بنمط الإنتاج والطبقات الاجتماعية والآ مفاهيمية وفلسفية المتصلة بالمادية الجدلية والتاريخية والالتحام بالجماهير، ز‘ى مسالة اللغة ما بين طرح ستلين وألتوسار وجماعة النورمال سوب الفرنساوية. 
كل هاالحركية اللي امتدت على ثلاث أرباع القرن كانت تعتمد على لغة دارجة وسيطة (Médiane) ولكنها مع هذا كانت تتوجه في جزء كبير منها على نسبة من المتعلمين اللي بإمكانهم القراءة، حتى وإن كان في النصف الأول من القرن العشرين متداول أنه واحد قاري يقرى لمجموعة من الحاضرين حوله امِّيين.
بعد هالفاصل اللي كان لابد منه، كليمة أخرة مهمة ولا محيد عنها هي أن البعض من خصومه وخاصة العروبين والإسلامين بآخذوه في المسألة اللغوية والدينية زادة ويوصلوا ينعتوه بعميل فرنسا ونصير للفرنكوفونية وأنه ضد العروبة والإسلام ويتركزوا في اتهاماتهم ليه على مخاطبته للشعب بالدارجة وينساوا اللي هالتكتيك في التخاطب بداه من قبل الاستقلال وداخل في سياسة الإتصال المباشر باش يوصل ويوصّل الشيء اللي يهدفله في الخطة السياسية متاعه وينساوا زادة أنه كان يستعمل في الحقيقة في عبارات مأخوذة من الرصيد للغوي الفصيح تبقى ينطقهم من غير ما يحترم قواعد الرسم والشكل والنحو والصرف متاع الفصحى لأنه عاش السنوات الأولى متاع النضال متاعه داخل منظومة الحزب الدستوري القديم وشاف عن قرب مدى عقم الخطاب متاع المتفقهجين بالفصحى. وفي المناسبات اللي كان يلزم باش يخطب بالفصحى ما عنده حتى مشكله أنه يحاضر والا يخطب بالفصحى سوى كتبها هو والا كتبوهاله أعضاده كيف سي الشاذلي القليبي وينساوا كذلك اللي الراجل كان في المحامات ويرافع حسب الشيء المعمول بيه في القضاء وينساوا بالخصوص اللي الحبيب بورقيبة كان مغرم بالمسرح وربما كان التمثيل بالنسبة ليه من الحاجات الكبيرة اللي حب يعملهم في شبابه.
 

Aucun commentaire: