Affichage des articles dont le libellé est Fayza Messaoudi. Afficher tous les articles
Affichage des articles dont le libellé est Fayza Messaoudi. Afficher tous les articles

samedi 14 janvier 2012

قرّة حيَّان 2



ترجمة وتدريج أزواو غن فائزة مسعودي

الحوش كي الأحواش الكل، مردوع ومتوسط لا زينة زايدة ولا كلفة، فيه وسطية مستاسعة دايرة بيه البيوت والمطبخ، الحيوط مجيرة بالجير والزينة والخمس والحوت على التيجان. البرَّة من الحوش، وعلى شق ثمة الكوري متاع الهوايش و مخزن القش والخرطان وكومة الغبار، وحذى البير جابية تترقرق بالماء. وعلى الرابع شيرة، داير بالحوش أعواد الكرم واللوز والعوينة وطابية هندي.

البلدية، وحدها قعدت كابية مكدرة من غياب مولى بيتها، ومن المستنية اللي طالت...ديمة نادمة ولايمة على روحها اللي ما تعلمتش الفلاحة وكل ما يهم الهوش والسعي كيف ضرتها البدوية. موجوعة وحياتها امرارت كيفاش سلم فيها حيان اللي توحشاتو وكل يوم ماذا بيها تلحق عليه، من الفقد اللي حاسة بيه... وتهيض مواجعها أكثر وأكثر كيف يطيح الليل و تحرقها الغيرة وهي تتخيل فيه بين أحضان ضرتها. تتهد على فراشها حزينة قزينة آش عندها ما تعمل كان تصبر على داها، وما كان يفرج عليها شوية كان كي تتقابل في النهار هي والبعض من جاراتها.

لياليها تطوال بالسهر من النوم اللي هجرها والتخمام اللي شغلها، لين هسِّت عليها فكرة وما حبت تفارقها... من غبيش الآفجار هزت روحها للكوري ولمت غمار غبار و حضنت بيه كوب سجرات اللوز وسخنت الماء وسقتهم، كل يوم على هاك المعدل حتى فتقت الأعواد تكاميمها و بزغ نوارها قبل وقت ميجالها...

من حينها جمعت منها ما يكفي لحاجتها و حطتها في فاشكة صغيرة ولفتها في فولارتها بعد ما عطرتها بعطرها وريحتها اللي تغشي بيه سخابها وقت ما تلحق مولى بيتها في سريرها، ونادات لوصيفها و عطاتو الصرة ووصاتو يوصّل الأمانة لسيدُه.

خذا الوصيف الأمانة و سرز على البغلة ونده قاصد حيَّان يتبع في جرة رسلة السعي ومضارب الخيمة من بقعة لبقعة لين كهّب على سيدُه. حين ما را حيان الفولارة فهم اللي مرتُه بعثتلُه أماره، كيف خذاها من عندُه غشاتُه روايح الهذبة مرتُه وسرزت نيران الوحش في جاشُه وزاد عليه من الغيبة اللي طالت، حل الصرة، وشاف الفاشكة، و تعجب واستغرب كيف شاف نوَّار اللوز، ودخلُه الشك في حساباتُه وتهيالُه اللي غلط في عدَّان الأيام والليالي. وبرغم ريبة عشيرتُه البدوية وتوغويشها، عزم على المرواح في الحين وقال ما عاد ما مازال.

تلفتلها ، بعد ما ثبت عندُه اللي هذا هو وقت المرواح وقال للها : لمِّي شباك القش والخرطان وأجمعي الغنم والأسعاي.

شدُّو الثنية. الغلام فرحان بملاقات مرتُه الثانية، ومتهني على الغنم اللي شبعت وروات في سروحها وربت اللحم والشحم من العشب اللي فلاتُه، هز بالصوت يلالي باش يقصر الطريق

بايتة سهرانة يا عيني هاه

يا عينيا

بايتة سهرانة على حمة

غَيِّبْ ما جانا يا عينيا

ملالية غيلانية كلامها مرتوب و غنتها تجري مدامع العين و تجللي على ابنادم الكشرة والكدرة.

كيف وصلو دواير الأرقب، في عين أم الثعالب، ما بين تالة والقصرين، تبدل الفلك مرة وحدة، وغشات الدنيا ضبابة بيضاء وبدت تتلف على روس لجبال لين ضاعوا بين السماء والوطاء. المقارح هي أبرد بقعة في فريقا كيف ما معروف من اسمها.

الغلام تصدم وقعد كاشخ، وبدى يلوج على بقعة يتقَّى فيه أمَّا هيهات ما غندُه ما لقى كان الصخر والاجبال، لين صار نادم على هالعملة اللي عملها وزربتُه في المرواح. الدنيا عمَّال تدكان والضبابة الشخمة تتلم وتكدِّي لين غطّت روس الاجبال ولفتها لين ما عاد يفرز السماء من الوطاء، لحظة وثارت عجاجة باردة تجمد الماء، وهب ريح من الغرب يكفش الأطراف، و بدا الثلج يصب والريح تتلاعب بيه....

هاك الغلآم المسكين نزلت عليه المصيبة، يشوف بعينيه نعجاته و معزاتُه زنايز موتى تحت الثلج، بدا يعيط مضام: " ياربي منعني من هالمصيبة، ضاعلي كل شيء مشيت تفييت ما بقالي شيئ". يخزر بعينيه للشياه متعه تتطايح هامدة تحت البرد اللي يقتل وهو يخبط على راسُه وينادي: " يا الصردي أميمتي، يا الغشويا أميمتي ، يا الدُرعة أميمتي". بعد ما شاف رسلة الغنم متاعُه تكدست ميتة ومزرعة على الثلج، جرى فيه ما جرى من الوجع والغبينة لين فارق الحياه، وقعد صودو كيف الصدى يجاوب بين روس الاجبال من الرويس لبولحناش، كما جرح غارق ومحلول لا ليه دوا لا ضميدة

"غريت بي يا نوار اللوز

خليتني فى راس المقارح

لاني بالغنم لاني بالسارح"

سرى الخبر المرزي في دواير فريقا بكلها، لين خافت الفلاحة، وصارو يتنواو من هاك الأيام وسموها بقرة حيان يتذكرو بيها هاك الجليدية اللي تسببت في موت الغنم ومولاها. قرة تاخذ أربع أيام من مارس وأربع من ابرير. وقعدت في ذاكرة أهل فريقا كلمات وامثال ومحلات شاهد باش الاجيال تتفكر ما جرى لحيان و تعتبر و ما تغترش

احسب حسابك و حساب هاك الراجل ما تنساشو

ما تقول جديانك جديان"

و خرفانك خرفان

الا بعد قرة حيان

غريت بيا نوار اللوز طلعتني في شمس عقب تفاسيخ الليالي

من هاك الزمان قغدت الامثال ومحلات الشواهد ماثلة في أذهان أمالي الغنم والسرَّاح وصاغتها الناس الفطينة في أبيات شعر باش تحفظها الأجيال وتتنحت في ذاكرة فريقا وتذكر الناس في كل فصل من الفصول اللي لازم ينتبهو من قوة الطبيعة وبطشها، وتبديلات الطقس الغرورة، وكيد النساوين وتشيطينها.

ڤرَّة حيَّان






ترجمة وتدريج أزواو عن فائزة المسعودي

الجزء الأول

مَا نڤُولْ جِدْيَانِكْ جِدْيَان

و خِرْفَانِكْ خِرْفَان

إلا بَعْد ڤِرَّة حَيَّانْ

في سابق الزمان، كان يعيش غلاَّم في وِسعة فريڤا، بلاد الخير والخمير والڤمح و الشعير، فريڤا اللي من وسعها، لا من ينجم يعرف حدّادتها، و اللي من سخاها، تِلم على بساطها ماذا من عروش و قبايل.

فريڤا هي جلاّبَة الهطَّاية ومرباع لمّتهم، و كيف ما يڤولو أمَّاليها: " فريڤا لا فَرِّق الله شملها".

هالراجل اللي الخُرَّافة ما تقول شيء على أصلُه وما عطاتنا حتَّى خبر على فصلُه، إسمُه في الاصل غيلان أمَّا الناس استانست تناديه في ساير الايام بحيَّان . برَّة هاو جاء حيَّان و هاو مشى حيَّان، لصقت فيه هالسمية ،و تشهر عند القريب و البعيد والآحرار و العبيد لين فات صيتُه حدادة فريڤا المسمية،واختلفت الناس على عرشُه ونسبُه وأهلُه وجَدُّه ما بين اللي يُفْخُرْ ويمجِّد و يقول اللي هو عربي مِيصّل، و يرجع دريدي من خير مَفْصَل ،جدوده أثبج هلالية، قبيلة الزَّازية الهلالية. وما بين اللي نيتهم دونية و يلوجو على الخايبة والسية و يقولو اللي هو من سلالة يهودية.

تربية الأسعاي باب من بيبان الكَسْب اللي تعز مولاها، و هالغلآم يكسب من الرِّيصان والآغنام ما لا يكسبُه في زمانُه حدْ. و رسلات الماعز و النعاج عندُه بالميات وعلى جميع الألوان والصيفات: الحواء و الغراء و الربشاء و السوداء و الحمراء.... الحاصل حيَّان كان أغنى غلام في البر.

صاحبنا كان مولى همة عالية ،ومتموم ما يخُصُّه شيء. باع و ذراع كيف ما يقولُو. والفلاَّحة الكُل عاطين لُه كار وقدر ، على ذكاه اللي ييرُڨ من عينيه، و العطف اللي يشع من خزراتُه، والحِكْمة و الصبر اللي تعرف بيهم. و بلا شك صار المثل الكامل ليهم.

حيَّان كان متزوج زوز نساء كيف ما أحسن ما يخلق الخالق، عايشين معاه في حوش واحد، عيشة هنية كلها مودة و محبة، تجمع بينهم المفاهمة التامة و الصفاء والولفة و رَغْد العيشة يلم حياتهم الهانية.

الغلام ماكان مقصّر معاهم في شيء ماللي ينجم يزيد في هناء وسعادة محبوباتُه اللي كانو في عز ودلال و عندهم على ذمتهم وصيف يخدمهم، و بالطبيعة كانو كيف ما يلزم يكونو بالسمع والطَّاعة لراجلهم.

كانك من الأولى بنت بادية و من عرش حيَّان، تعرف الأرض و ما تابعها و تِفْرِقْ في اسرار العود و الزرع، و تفرّز لغة السعي و الزوايل، على خاطر تربَّات في الفلاحة من صغر سنها. و راجلها ديمة يمدح في خصالها و معارفها في الفلاحة و الغنم. كانت هي اللي تعاونُه في خدمة الآرض من الحرث للزريعة للحشَّان للحصاد... و هي اللي تاقف على حلبان المعيز و السروح بالسعي.

البدوية متربية على لبستها متاع عادة أهلها و اماليها في كل وقت، الحرام السواكي والخمري ومريول فضيلة و الفوطة المطروزة اللي تغطي قطاطي شعرها الزنزي، وديمة يفوح منها نسوم عنبر السخاب اللي مزين رقبتها و يتمايل على صدرها. و اللي يزيد في زينها وبهاها، وشماتها الخيلي المنقوشين على خدودها و أعضاها و على فاراتها اللي كيما يقول عليها الغنَّاي لوكان يراها:

"نشبح جريدة نڤشها همَّامي *** يزهى دليلي ليا مشت ُدَّامي"

أمَّا مرتُه الثانية، كانت بالعكس ، بلدية من قاع الخابية محظِية وبالفيانة والكهانة مربية، وباللباقة في منطقها و ألفاضها العسلية ..........هالمزايا و الخصايل اللي كانوا ناقصين عند بنت البادية العربية.

و زيد على ضرافتها اللي ربي بيها خلقها وانشاها، و زين صمايلها اللي بيها كبرها وحلَّاها، كانت ما عندها لهوة كان برويحتها و بهاها: كل صباح مضغة السواك بين سنِّيها، و مرود الكحل بين شوافر عينيها، وبالملقاط تحصر في قوس حواجبها وتنقي في خدِّيها. كانت لاهية بنظافتها و عفافتها و هيتها و لبسها و دّتها.

في بيتها نهارها تعدِّيه بين الشبكة و الڤرڤاف و الأباري تطرز و تنقش. و الا تعاون على تحضير العولة و ما يخرج من قلب الرحى من نعمة ودقيق للبسيسة و المرمز و الكسكسي و الفريك.

الزوز نساء ديمة حاركين و من جهدهم ماهمش مخلّيين باش ينالو رضا راجلهم ومولى بيتهم اللي في محبته طامعين راغبين.

كيف ما في كل عام، يهرب حيَّان من برد الليالي اللي يَجَمّدْ، و ينجع في دواير فريڤا بعيد على الجبال الباردة و يسرح قريب الثلاث شهر يتبع في ما تبَقَّى من الحشيش الصايف الفاوح و البقايع المرفقة لسعيُه و هويشاتُه. ما يروح لوكرُه كان بعد ما ينزلو الجمرات الثلاث جمرة الهواء و جمرة الماء و جمرة الأرض، و يكملو السبع ايام اللي يجو بعد الحسوم. يستنى لين يفوتو برودات الفوارير، و ما يرجع كان كيف الوطى تَطْـرى، و الشجر يرخي أعرافه المنورة على وجه الآرض، و العشب الراوي يفتق من الثرى و النوار يفوح بروايحه اللي تشرح القلب.

كيف العادة، السنة حيَّان حضَّر روحُه قاصد ربي وطلب من مرتُه العربية باش تجي معاه تعاونُه على السعي، ياخي قالتلُه البلدية بدلال:

- "انجمش نعاونك آنا يا راجلي، شاهية نمشي معاك"

جاوبها بلهجة كاسحة لا فيها لا بيع ولا شراء:

- "يكون خير كي تقعدي هنا، و كيف ينوّر شجر اللوز تبعثلي الوصيف باش نروح و ردِّي بالك على روحك"

ما عندها حيلة و مغلوبة على أمرها ، قعدت في الحوش منبوزة.

يتبع