المقاربات القليلة للتعابير الموسيقية والغنائية التونسية -على قلتها - في
أغلبها مشحونة بأحكام أخلاقية ومواقف "طبقية-اجتماعية تاخذ فيها الغيرية
المختلفة والغريبة سبق الحكم على التسامح وقبول الاختلاف. وسرعان ما تنتشر بعض هذه
الأحكام كالنار في هشيم الفقر المعلوماتي وتفشي الأحكام المسبقة. وفي هذا السياق
يتقابل محمد بن عثمان الحشايشي مع الصادق الرزقي في كثير من المواقف والأحكام على
كل ما هو مختلف عن رؤيتهما لما هو "هما" قيما وأخلاقا وعادات وذائقة
وتقاليد. فضلا على توافقهما للتقرب من "الأجنبي" الراقي الذي يكون روى
بالنسبة للحشايشي وديرلآنجار بالنسبة للرزقي.
لا ندري تحديدا من هو الأول الذي ربط علاقة السببية بين نمط أغاني الزندالي بالسجون؟؟؟
فهذا
سامي اللجمي يقول*
"“الزندالي”
هو أحد فروع موسيقى “المزود”، الذي يمثّل شكلا من أشكال الموسيقى الشّعبيّة
“الحضريّة” بتونس. هذا النّمط عادة ما ينسب إلى السّجون والسّجناء الذين يغتنمون
فسحة “اللآريا” (Aria) لتأليف الأغاني
التي تروي مآسيهم، وتوقهم إلى الحريّة. "
ولا ندري
لأي مرجع يستند الأستاذ اللجمي في ربط الزندالي بأغاني المزود في مرحلة أولى وهذا
الربط مجاني لايرتكز على أي معطى تاريخي أو علمي ثم بالسجون وهنا أيضا الربط لا
يرتكز لأي معطى. ويواصل كاتب المقال ليعود بنا لكتاب الأغاني التونسية للصادق
الرزقي في إشارة هامشية ص. 245 بخصوص الأبيات التالية من نوع أبيات وردة:
عذاب
الورد يا لُمّه عذابه *** عذاب الورد همّل لي شبابه
فيعتمد
على ما جاء في الهامش :" الأغاني التالية من نوع الزندالي وهي أغاني السوقة
لا تتورع عن البذاءة أحيانا، منحطة في أخيلتها وتعابيرها في الأكثر لأنها في
الأغلب من نظم اليهود المحترفين."
ونحن ل تأكيد لنا ن التعليق في هذا الهامش
للرزقي أم كما جاء في الصفحة الأولى للكتاب "مُراجعة وتعليق لجنة من أهل
الأدب والفن"
وحتى في
هذا لتعليق لا نجد ذكر للسجن كمصدر لهذا النوع من الأغاني.
أول ما
سمعت حكاية ربط الزندالي بأغاني السجون كان على لسان الشاعر العنائي عبدالمجيد بن
جدو وارتكز في حديثه أساسا على النيغاوي وأغنية بعد النكذ والغصة وأغنية الجرجار
" برة وإيجا ما ترد اخبار عالجرجار" ومن خاصيات بن جدو أنه إذا تمكن من
فكرة أصبح يعيدها ويلوكها حتى ترسخ في الأذهان وتصبح حقيقة تاريخية. وغاكذا درجت
عبارة أغاني الزنذالي كاسم لمنظومة شعرية وموسيقية مرتبطة بالسجون، غير أنها لا
تعتمد على أكثر من مثال أو مثالين. فالمثال الأول يا فاطمة بعد النكد والغصة يعرض
علينا أغنية عاطفية لعشيق ساقته الأقدار للسجن لأسباب ليست مهمة بالتسبة للأغنية
وهذه الأغنية لا ينطبق عليها نعت الزندالي كما جاء في تعليق ص 245 لكتاب الأغاني.
أما أعنية الجرجار لا يمكن أيضا أن ينطيق عليها تعريف الزنذالي فهي لم تكتب في
السجن....
عند انتشار موجة أغاني المزود عادت نفس الموجة
الأخلاقوية المعادية للمزود ولأغانيه و رغم الكتابات الجادة مثل " الذاكرة
الجماعية والتحولات الاجتماعية من مرآة الأغنية الشعبية" تواصل الخلط بين
عديد الرموز التي يتم استغلالها سلبا أو إيجابا
وتجميلا من بينها :
- الشعبوية
- العمالية
- الدنقري
- الزوفرية
- الربوخ
- الرجولية الرجلة
- التظلم
الظلم
- الشكوى
من الظلم
- العقاب
السجن التوبة
- المجون
الخمر النساء
- العصيان
المقاومة الفتوات الأصحاب (السوء)
- التوبة
الغدرالخيانة
- إلخ....
في كل هدا الخليط تخرج علينا كتابات تبدو
في ظاهرها بمقاربات اجتماعية انتروبولوجية ولكنها تفتقد في الكثير من طروحاتها
لعمل الميداني وخاصة لمعرفة عميقة بالمناخات الاجتماعية والثقافية لمراحل مهمة من
تاريخ تونس.
---------------
* http://alawan.org/article11944.html
---------------
* http://alawan.org/article11944.html
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire