mercredi 6 mars 2013

دوسيات محممة في أحداث ما قبل الاحتلال الفرنسي


يقول بيرم الخامس في كتابه صفوة الاعتبار متحدثا عن الوزير مصطفى بن إسماعيل:

» و كان التحم في تلك المدة بالوزير ابن إسماعيل شخص من سكان الحاضرة يقال له علي بن الزاي كانت الناس تتقيه من قبل ثم ازدادوا منه اتقاء لما التحم بالمذكور و تفصيل حالة هذا الشخص لا تناسب هذا « المقام » على أن من شاهدها لا يبلغ ما نذكره لما يعلمه و من لم يشاهدها لا يكاد يصدق بوجودها(....) و لقد كان جميع ما يتفاوض فيه في مجلس الشورى، يقرره (أي بن إسماعيل) لتابعه علي بن الزاي ليلا و هو يقرره إلى نائب فرانسا (روسطان)فكلما غزل المجلس غزلا نقضه لهم من هو بالمرصاد منهم حتى تعجبوا من إطلاعه) أي روسطان) على جميع أحوالهم.«


و بعد انتصاب الحماية دارت الدائرة على هذه الشخصية العكرة و وضع رهن المنفى و لا ندري هل ثمة من حرضه على كتابة مذكراته أو كان ذلك بمحض إرادته مهما يكن من أمر دون علالة بن الزاي دررا(سوداء) عن الفترة التي قضاها في خدمة بن اسماعيل و لم يكن على أغلب الضن سوى عميلا خسيسا في خدمة روسطان القنصل الفرنسي، نظرا «لما يربط هذا بداك من علاقات مشبوهة»و من مذكراته استخرجنا هذه المشاهد للذاكرة و العبرة.

حوارات علي بن الزاي مع روسطان و مصطفى بن إسماعيل
1
كنت في عشية من العشيات في دار الياس مصلي – هذايا أصله سوري مسيحي خدم في الاول مترجم في القصر و من بعد ولى كاتب ثاني في الخارجية- و كان معايا روسطان اللي كان أحباب هو و مرت الياس و كانت مرا شبابة ياسر، تلفت روسطان و قالي:

روسطان: أش عمل بن إسماعيل في نازلة الحماية مع الباي لأنه توة ما عنده حتى عذر يتسبب بيه و يقولي ما عنديش القوة. انا ما عطيتو البسابورت إلا باش يتمم نازلة الحماية، و هذي توة مدة و هو يماطل و يمني في و أنا ما بقاليش صبر لكلامه. على هذا يا سي علالة إذا ما عجلش في أمر الحماية أنا نطلع للباي و نحكي له على كل اللي صار بيناتنا وقت اللي طلبت منه باش يبلغله مطلب دولتي لحمايته (الباي) و كيفاش قالي أعطيني باسابورت فرنساوي و تولي عندي قوة من فرنسا نتمملك الطلب متاعك.و خذا الباسابورت و ما رات منه دولتي حتى شيء و الآ ما نلوثله سمعته عند الباي.
علالة: اللي كيفك يا مسيو روسطان ما يعملش هكة و هو راهو ما هوش غافل على مطلبك، و كان تعمل هكة تضره من غير ما تصحلك حتى منفعة من مضرته، خليه يخدم و بعد أيامات يتمم مطلب فرانسا.
روسطان: طال بي الوقت و صبرت على كلامه اللي ما رينا منه كان التلوعيب و التبلعيط حتى وليت نكلم فيه بالشيء اللي يطيبله خاطره.( يفكر قليلا في صمت) يا سي بن الزاي، قول له نعطيوه خمسة ملاين و يتمم الحماية. و انت نعطيك الباسابورت متاعك، أيا اخدم ها الخدمة معاه و رجعه من الثنية الي ماشي فيها و تربح انت و الي معاك من ها النازلة و فوق هذا تجازيك دولتي بكل الاحسان و الفضل و الموطن.
2
غدوة في الساعتين ماضي من نصف النهار قابلت ابن إسماعيل في داره في البركون وين يقبل الناس و حكيتله عل الحديث الي دار بيني و بين روسطان و نصحته النصيحة التامة باش ما يجيش ضد فرانسا و لا ضد روسطان و يتوكل على الله يفصل النازلة و يتمم مطلب فرانسا. ياخي قال لي:

بن اسماعيل: انت راجل غر و روسطان يبهبرعليك و يخوف فيك و انت ما تعرفش خبثه. إذا كان يخطر في باله اللي كان اعطاني الباسابورت باش يحطني تحته، أنا هالبسابورت ما عنديش حاجة بيه و انا و لله العظيم حين جابهولي الياس لوحته تحت الخزانة في بيتي في دار البحر، و لوكان يقول لسيدنا، ننكر و نحلف الي ما عنديش و نكذبه ما دام هذا هو ظنه.
علالة: ياسيدي صبر نفسك و ماتجريش خلليني نكمل كلامي إذا كان لقيته يليق بيك تمم له ما طلب و اربح صحبة فرانسا، و الا قطع عليك هالباستبورت و اعمل اللي ظهرلك.
بن اسماعيل: باهي نسمع فيك.
علالة: اتفصلنا أنا و روسطان على أنه يعطيك خمسة ملاين عند ما اتمم المطلب.
بن اسماعيل: ( و قد انفرجت أساريره عند سماع الخمسة ملاين) يا فلان ما تضنش اللي هي خمسة ملاين برك لابد تكون عشرة و يحب يقسمها معايا بالنصف. (و بعد صمت) انت ما تقابلوش ها اليام هذي، حتى نقللك و كان بعثلك مرسول قول له راني مازلت في الخدمة و اكتم ها الخبر و الفضل و الموطن.
3
بعد ثلاثة أيام، و احنا ساهرين في الليل على عادتنا و كان باقي على نصف الليل خمسة سوايع و نصف، قال لي:

بن إسماعيل: مطلب الحماية تممته، أما كيفاش نخبرو روسطان قبل ما يدفع الفلوس، ربما نخبروه و ينكرنا في الخمسة ملاين و ينفذ غرضه، و احنا ما يصحلنا في يدينا شيء، لأنه روسطان راجل بلعوط و عليه برشة ديون يحب يخلصها على أكتافنا، و يستغنى في ها النازلة و ياخذ حضوة عظيمة من دولته، وقتها يشمت فينا بكل أنواع الشماتة و يفدي ثاره في كل ما عملته في دولته.
علالة: حاشاه من هذا حتى يكافيك بالشماتة و الحال أنه اللي نعرفه من قلبه راهو ما يشدش الحقد.
بن إسماعيل: الحقيقة أنك ما تعرفش كيده، هو ينجم ينحي من قلبه نازلة سي حسين( الجنرال حسين) وقت اللي بعثته لفرانسا باش نشتكي منه و نطلب عزله، و الا نازلة الكونت صانسي، و الا نازلة المرسى، و الا نازلة التلغراف الذي طلبه مانتشينو و غيرها و غيرها يا بن الزاي. و على كل حال هاني علمتك بالذي في ضميري و عرفتك حقايق الأمور.
كيف خرج روسطان وليون رينو اليوم في العشية من حذايا شيعتهم للباب ؟
علالة: إينعم سيدي
بن إسماعيل: أش قالك روسطان و كيفاش كان وجهه مستبشر و إلا مغشش؟
علالة: يا سيدي ننصحك لله تعالى تمم له هالمطلب اللي جاء على خاطره مع البنكاجي رينو راهو يظهر لي راجل عنده شان عظيم و جاهو مقبول ما تردهاش في وجهه، و مع هذا الراجل وعدك من هاك المدة بميات ألف فرنك، و مالجملة وقتها كنا حاضرين أنا و إلياس (موصللي) و مسكرو و يوسف الليقرو(Joseph allegro) و فولتيرة و وعدنا كذالك بميات ألف نقسموها ييناتنا، تممله ياسيدي و تربح مودته و صحبة فرانسا من فوق، هذا الذي ندبر عليك كان سمعت كلامي.
بن إسماعيل: أنت غالط يا بن الزاي و ما عندك حتى علم بحقايق الناس و هذا الراجل اللي جاني مع روسطان راجل من ساير الناس و صنعوه و أغراووه و الكل من تحت راس روسطان و تلوعيبه، لأنه يضن اللي كيف يتم له مطلب البانكة يستغنى على مطلب الحماية، وقتها يضيع لنا وعد الخمسة ملاين ويتم غرضه، و كيف ما يقولو بدل ولدك بفرخ جان. لا نساعده و لا نبدل ديناري بدرهم، و إذا كان هو صاحب حيل أنا صاحب أفكار و ما يغرك ش كلامه و فخره بالكذب.
4
و بعد نهارين قالوا إلي ليون رينو هز روحه غاضب اللي حد ما خذا بجاهه، و لا حب يقابل لا الباي و لا الوزير، و في ليلته، في نصف، الليل ركب العربية متاع خط الحديد على طريق عنابة.
و تعدات الايامات ما نعرفش بالضبط لأنه طال علي الوقت سرى الخبر أنه في الحدود خمسة ألاف عسكري فرنساويين، حين ما سمعت الخبر قابلت الوزير في داره ساعتين ماضي من نصف النهار على العادة. و قبل ما نخبره خبرني هو، وقلت له:
علالة: يا سيدي تتفكر ما قلته لك و ما نصحتك به قبل؟ و ها المرة آش تحب تعمل باش تخلص نفسك و دولتك من ها الحيرة و أنت ما زلت تسمع في كلام أصحابك أصحاب الأغراض اللي ما عندهم حتى معرفة بالسياسة. قول لهم يدبروا عليك توة.
بن إسماعيل: هاذي كلها فعايل روسطان و الليقرو باش يتحصل روسطان على مطلبه من غير ما يدفع لا سوردي لا خروبة. يا هو روسطان و إلا أنا مصطفى بن إسماعيل.
علالة: يا سيدي تقول الناس اليد ما تعاند الشفرة، ما تعرض ش نفسك لعداوة فرانسا، و ابعث لروسطان و اطلب منه اشنوة قصده من ها العسكر في الحدود و تتسامح معاه و اقبل منه ما يطلب، أحسن م اللي تكبر النازلة. و اليوم فرانسا تقدمت و ما يمكنلهاش الرجوع على مطلبها كان بالقوة. و انت ما عندكش قوة دولة فرانسا.
بن إسماعيل: أنت راجل مريد لفرانسا و لروسطان على هذا ما نحبش منك الدبارة و لا كلام في ها النازلة، و فرانسا ما عندها حتى أدنى قوة تعملها في تونس، و الدول ما يخليوهاش تعمل على كيفها. و توة باش ناقف على ساق الجد. و يما ما حرقني إلا تمنييك روسطان علي يحب ياخذ الحماية بها الكيفية من غير ما يدفع الخمسة ملاين الذي وعدني بيها، إلا ما نشربكها على راسه و على دولته من كل الجهات حتى تخسر دولته أكثر من ذلك، نفدي بيهم تمنييك روسطان و نظهر كذبه على دولته، و يوللي ما عنده حتى اعتبار، و أنا على كل حال غني، و نلقى ما يعييشني في كل أرض، لاني ما عنديش آمان في تونس و لا في أهلها، و ما يصح في يدي خير من أشرف أهلها لأنهم أهل مكر و خديعة.
علالة: فرانسا تنال غرضها في تونس بمالها و دم رجالها و تكون أنت المتسبب فيه، لذا ما تسلمش في فرانسا و إلا تكونلك الخسارة من الشيرتين.
بن إسماعيل: يمين البكوش في صدره. و اللي في سري ما يعلم به حد كان أنت، اللهم كان كشفته.
بعض الملاحظات لإنارة القراء: مسكرو و فولتيرة من الشخصيات العكرة أيضا من جنسية إيطالية ربما كانوا من عملاء قنصل إيطاليا. يوسف النيقرو و في الأصل جوزيف ألليقرو فرنسي الجنسية كان يقوم في تلك الفترة بمهمة القائم بأعمال الدولة التونسية في عنابة و هو كذلك من الشخصيات المشبوهة سيتولى بعد إمضاء الحماية و عند اشتداد المقاومة بالجنوب التونسي بعد سقوط القيروان و دخول الفرنسيين العاصمة ( تونس البية أو المحروسة) في آخر 1881، سيتولى قيادة الأعراض و سيكون له الدور الحاسم في كسر المقاومة بالجنوب التونسي، و يسميه أحد الشعراء الشعبيين. كلب دزاير.
عام الفــــــدة
عام وطنا وڤعت عليه الهــــــــــــــدة
عام ان بدوا الاجواد هــزة و ردة 
 عام ان ملك الأعراض كلب دزايـــــــر
عام بضع كاسه مر ما يتعـــدى 
 عام ان حبيب العز عنا غايـــــــــــــــر
********
عام محلـــــــــــــــــــــــــــــــة 
 عام اللي فيه الوطن خاض بكلــــــــــه
عام نيڤرو خش الجنوب احتله
 و نصب عليه الكفر حكمه جايـــــــــــــر
عام ان لڤوا الاحرار فيه مذلـة 
شي ڤدره الرحمان هكة صايـــــــــــــــر

4 commentaires:

Anonyme a dit…

أول نص قريته في مدونتك توه سبعة سنين لتالي ، و تقريبا تدوينة ليك سيدي علي .....
:))

كن بخير

عماد

Azwaw a dit…

كم أنا سعيد بإطلالاتك المتخفية تحت جنح الولفة والوفاء. صحيح هو من النصوص الأولى اللي كتبتها وأول فرصة تفابلت فيها مع شيء الذكر الكسترا الشهير واللي استعرفلي يعظمة لسانه جهله بهالفاصل من التاريخ التونسي.
زر غبا صديقي فالحب لا يستحق لزيادة.
دمت كما انت وطمأني على من حولك من عائلتك.

Anonyme a dit…

كما كنا نكتب في زمن مضى : نحن بخير و لا نسأل إلا عن أحوالكم كيف هي صديقي العزيز.

أعدتني بنصك الذي اعدت نشره لفترة حبلى و إن بما لم نكن نتمناه، و هاهم سيؤوا الذكر إياهم يرتعون و يحممون دوسيات ما قبل الحماية القادمة و حروبها الأهلية، و لم يصدقني أحد وقتها و مع ذلك فالكلاشنيكوف أصدق أنباء من الكتب... و المدونات
:))


دعنا من ذلك الآن، فأهم شيئ هو أن لا نحتقر من نراه في المرآة صباحا و أن ننعم بحب و عطاء من حولنا ما استطعنا، فكن بخير سيدي و إلى لقاء قريب ربما

larva a dit…

مشكووور