vendredi 1 avril 2011

عائد من مهرجان الثورة بالرقاب 1

مدخل سهل الرقاب من شعبة جبل المطلق
سيول في سهل الرقاب على إثر فيضان
ملصقة من ملصفات المهرجان
فضاء تمزكر ومواطن الهمامة

بين الإحساس بالشك والإحباط المتراكم يوما بعد يوم تحت وطأة الكم الإعلامي التقليدي والافتراضي الذي يفرضه نسق الحياة بالعاصمة، وتداخل ما تلتقطه الأذن والعين وبقية الحواس كلما كنت في الشارع الرئيسي و فروعه، والشعور بتواصل حالة التكبيل المستبطنة من إرث العقود الماضية، لم تكن الدوافع التي شجعتني على الذهاب للرقاب من باب التعويض المعنوي لحالة التأرجح والبين بين الناتجة عن هذه الأحاسيس. فالرجوع/الهروب –بالنسبة لي-من حين لآخر للوطن الداخلي كان دائما بمثابة تمشي "علاجي" يعيدني لنسبية صحية تعيد لي توازنات مهما كانت بسيطة غير أنها ضرورية.

من تونس إلى سهل قمودة:

الرحلة عادية كغيرها من الرحلات التي تقاسمناها من قبل أنا والمخرج خالد البرصاوي لتصوير كنوز التعابير الشعبية التونسية، غير أن هناك بعض التفاصيل التي تسترعي الانتباه: اختفاء اللون الحبري من المشهد العام للطريق السيارة والجسور المطلة عليها، ليحل محله لون بخضرة تونس وبخضرة الحقول التي ارتوت بأمطار مارس الثمينة بعد ارتوائها بأمطار التطهير من أدران الزمن النوفبري. اختفت في لحظة عدائية الحواجز الواقية ورمزيتها الانتحارية لتستعيد وضيفتها الطبيعية لدرجة لا تشعرك بوجودها المطمئن...

كم من مرة تندرنا بقضية اللون الحبري لنتغلب على القرف الذي كان يولده فينا، والتساؤل اليوم هو عن مصير المخزون الهائل من براميل الدهن التي تقبع في عديد مصانع البلاد، و آلاف الأمتار من القماش المصنوع محليا والمستورد منه لسد حاجيات "جنون" أتباع زاوية سيدي "الحباري"؟؟؟ لعمري إن القضية تحتاج لجنة تفكير للتخلص من هذه النفايات الخطرة.....

كما أشرت، المشهد على حافتي الطريق منعش، خضرة حقول الحبوب وانتشاء الزياتين وأشجار اللوز وروعة الآجام بأزهارها البرية، تبعث في النفس حالة من الاستراحة والطمأنينة.

بعد القيروان اختلفنا في الطريق الأفضل للوصول إلى الرقاب، الشيء الذي أجبرنا على المرور بسيدي بوزيد في قلب سهل قمودة من أين انطلقت ثورة 17 ديسمير كما يفضل أبناء المنطقة تسمية الثورة التونسية. ولعل ما يتبادر لذهني هو تغير الصورة تماما عن الصورة التي التقطها في الصائفة الأخيرة، صورة الشوارع والساحات والواجهات وخاصة صورة الناس في المدينة بقطع النظر عن آثار المواجهات التي بقيت أثارها كوسم ناري دخن يعيد لنا ذكرى ليالي المواجهات بآلامها وآمالها.

كلما اخترقت سهل قمودة تعود بي الذاكرة لحقبة من تاريخ تونس كان فيها للهمامة موقعهم في حركية الكر والفر مع الدولة الحسينية، وتتضح الصورة أكثر في تلافيف الذَّاكرة لتطفح على السطع تفاصيل العصبيات الأسرية بين عروش وبطون القبيلة الأكبر في البلاد التونسية، اولاد عزيز واولاد رضوان واولاد بويحيى و سلامة وغيرهم. عصبيات حاولت دولة البايليك تطويعها لما يخدم مصالحها، ثم حاولت دولة ما بعد الاستعمار محوها واعتبارها مظهرا من مظاهر التخلف والتقهقر الحضاري وعائقا من عوائق اللحاق "بركب الحضارة والدول السكاندينافية..."

سهل قمودة بجزئيه الشمالي والجنوبي تتجمع في طبقاته السطحية والسفلية مياه الامطار المنحدرة من جبال الزاوية والقضوم و سيدي خليف شمالا، وجبال الخشم وقبرار وبودينار والمالوسي التي تخترقه من الشمال الشرقي في اتجاه الجنوب الغربي وجبل بوهدمة جنوبا. لذلك يعد هذا السهل من أهم المناطق الزراعية المنتجة للخضروات بالدرجة الأولى فضلا على الزياتين واللوز و عديد الأنواع من الأشجار المثمرة.

منذ اتجاهنا في الطريق الرابطة بين سيدي بوزيد والرقاب، كانت تعترضنا الشاحنات الصغيرة المحملة فوق طاقتها بالطماطم والجزر و الفول و الجلبانة .

نشرف على الرقاب في الجهة الجنوبية لسهل قمودة باختراقنا شعبة مرتفعة بين جبلي بودينار و قبرار اللذان يحتفظان بقحالة لونهما الترابي مهما قاومت نباتتهما المتناثرة في الفلول الصخرية العوامل الطبيعية، بينما تفاجئنا الخضرة أشجار زيتون وأحواض للخضروات من كل الأصتاف.

عند دخولنا المدينة، أو لنقل منذ غادرنا العاصمة، لم "ننعم" برؤية دورية واجدة للحرس الوطني أو للشرطة... إذن دخلنا الرقاب لتعترضنا "فرق الأمن" المواطنية الساهرة على المهرجان بزيها الأسود المميز المختوم بشعار المهرجان و بعبارة SECURITE !!!!

يتبع

Aucun commentaire: