المجتمعات متأخرة
والا متقدمة – وهذا ما عنده حتى معنى في موضوعنا- كلها في حاجة لتعديل والتحكم في
مخاوفها البدائبة والقديمة هاك المخاوف اللي تكونت مع ولادة المجتمعات تكونها والي
تحمل في طياتها ميثولوجياتها وخرافاتها وأغوالها واهوالها. كيف تقول غناية مسرحية
القاسم عزا زهاك العام:
حكاية ناس بكري
الغنيا والكبار
كي يحبو يربيوا اصغارهم
و يحللوا عينين
كبارهم
وينبّهوا النَّاس
من الأخطار يخرفولهم عالغولة....
التحكم والتعديل (Exorcisme) ياخذ عدة
اشكال من السحر والطلاسم للعزيمة واستحضار الارواح للحجابات والتمايم والودع
والفاسوخ والحضاري والشطحات وغيرها. كل مجتمع يجبد كذلك من عروقه ومن هاك الشخصيات
اللي تم التوافق عليها باش تكون هي سلطة التعديل والتحكيم (Exorciste) في الطقوس والرموز والمناسبات اللي يتم فيه لمَّان المجموعة
وادا كان ثمة دبيحة والا قربان والا اضحية والا فدية والا وعدة والا غيره من
الهدايا اللي يامَّا يتفاسموها الناس ما بيناتهم والا يهديوها للكاهن والا الرهبان
والا الولي والا الزاوية والا لآلهة معينة.
من طقوس ورموز التحكم والتعديل في مخاوفنا في بلادنا زوز عناصر رمزية
يتلاقاوا في صيفة الغيرية الأقلية (L'altérité
minoritaire) هالعناصر هوما من شيرة البوسعدية
وتسرافيلت ( ممكن ثمة رموز وعناصر أخرى في جهات متعددة من البلاد ولكم ما تعرضت
لهاش). البوسعدية في الأصل تابع للأقلية الزنجية أمَّا ما عنده حتى علاقة بطقوس
الغناء متاع السطمبالي المرتبط بروحانيات المنحدرين من الأصول الافريقية الغير
مسلمة في الأصل واللي اختلطت بروحانيات الصوفية الشعبية الاسلامية في تونس.
البوسعدية رقصة شارع وساحات في المدن والا في الأرياف والراقص اللي يكون في العادة
زنجي يبدى متنكر ووجهه مخبي بقناع يخوف (ماسك) من الجلد ولبسته متكونة بن جلود
حيوانات كيف الذيب والضبع والسفش والقط وغيرها من الحيوانات البرية، وعلى رآسه
طربوشة متكونة من خليط من الحاجات وتكمل بربطة من الريش كيف ريش النعام والجوارح
والا ريش سردوك. البوسعدية يكونوا زوز واحد بضرب على طبلة والآخر يلعب بالشقاشق
ويكونوا يغنيوا ساعات غناء مسرح وساعات عجمي مغلق. المهم في هالحكاية هو أن
البوسعدية كانوا يخوفو بيه الصغار ويربطوا شخصيته بحاجات مرعبة فريبة من حكايات
سلال القلوب وما شابهها.
عند الأقليات الأمازيغية ( وهوني كيف نقول أقلية نقصد بيه الأقلية اللي
عندها وعي بروحها اللي هي أمازيغية واحنا نعرفوا اللي الأمازيغ في الحقيقة يكونوا
أكثر من 80 في الميا من اهل جزيرة المغرب) نلقاو شخصية تشابه بعض الشيء لبوسعدية
يسميوها تسرافيلت اللي من أهم وظايفها إثارة الخوف عند الصغار وكانت زادة تثير
الخوف حتى عند الحياوانات. الشخصة هاذي زادة مرتكزة على استعمال لبسة تنكر واكسيسوارات
من جلود حياوانات وغيرها تشكل برشة غرابة في خيال الصغار.
محل الشاهد مسألة التحكم وتعديل الخوف نلقوه مشترك في أغراضه وفي عناصره
وفي أكسيسواراته تقريبا في كل المجتمعات... إمَّالة فاش قام علينا نقوموا نجريوا
نقلدو في غيرنا ونتسلفوا من عندهم في خُـوِّيفتهم بعد ما سلمنا في
خُوِّيفتنا......
حركة المحاكاة والتقليد اللي متمكنة بالمجتمعات المتأخرة، وبالتحديد
المجتمعات متاع العرب اللي بعدوا على "بدائيتهم" واللي يظهرلهم اللي
هوما قربوا من "الحداثة"، على خاطرتكونت فيهم طبقة وسطى قارية ومتعلمة
وموش بالضرورة متثقفة، خاصيتها إنكار الذّات لأن الذَّات ما ترضيش وبالعكس الذَات
تنقص من قيمة الآنا الجديدة اللي ماخذة عناصرها من الآخر اللي غلبنا في السابق.
وبن خلدون موش قال ولع المغلوب بالغالب.
برَّه يعطيكم غلبة على ما علـَّبتوا علينا لا عحبكم بوسعدية ولا تسرافيلت وما
تعرفوا كان حيني وطارت عيني نحب كان الهالوِّيني.