يذكر الشاعر الكبير صفي الدين الحلي الذي عاش في القرن الثامن للهجرة و المتوفى عام 752 ه في كتابه : " العاطل الحالي و المرتخص الغالي"، عن أصناف فنون الأدب عند المشارقة و المغاربة في عصره، قائلا:
"... و مجموع فنون النظم عند سائر المحققين، سبعة فنون لا اختلاف في عددها بين أهل البلاد، و إنما الاختلاف بين المغاربة و المشارقة في فنين منهما(....)
و السبعة المذكورة هي عند أهل المغرب و مصر و الشام: الشعر القريض و الموشح و الدوبيت و الزجل و المواليا و الكان كان و الحماق. , أهل العراق و ديار بكر و من يليهم يثبتون خمسة منها و يبدلون الزجل و الحماق بالحجازي و القوما. و هما فنّان اخترعهما البغاددة للغناء بهما في سحور رمضان خاصة في عصر الخلفاء الراشدين من بني العبّاس.
و تعريف الموّال حسب صفي الدين الحلي: الموّال له وزن وزن واحد و أربعة قوافي على روي واحدو مخترعوه من أهل واسط، من بحر البسيط(صوتا)- أي بقطع النظر عن الإعراب إو اللحن فيه) و منهم من يسمّيها " بيتين".
و الموّال موجود منذ العهود القديمة نظم فيه القدامي الجزل في الغزل و المديح و الصناعة شأنهم في ذلك شأن الشعر الفصيح.
و من قول مزلكش و كان أخوه أبي بكر عبد الغني البغدادي المعروف بابن النطفة، زاهدا في بغداد و توفي في 582 ه، إنشاده هذه الأبيات في الأسواق، بعد أن عابوا عليه الغناء في حين أخوه زاهد:
قد خاب من شبّه الجزعة إلدرة*** و قاس قحبة إلمستحسنة حرة
أنا مغني و خي زاهد إلمرة*** بيرين في دار ذي حلوة و ذي مرة
و من أقوال إحمد بن عبدالله الدمياطي المتوفي سنة 808 ه حول قصة أمرأة أحبّها و بلغه أنها أحبت غيره و اتصلت به، فجُنّ إلى درجة أنه خلع ثيابه و صار يمشي عاريا و يغني هذا الموّال:
سرِّي فضحت و انتِ سرّك صنت*** قصدي رضاك و انتِ بطلبي لي العنت
ذلـِّيت من بعد عزّي في الهوى و هنت*** ياليت في الخلق لا كنَّا و لا كنت
و هذا موّال من فلسطين لابن العفيف النابلسي:
حمامة الدوح نوحي و اظهري ما بك*** و عددي و اندبي من فرقة احبابك
لا تكتمي و اشرحي لي بعض أوصابك*** أظن ما نابني في الحب قد نابك
و من إنشاد عبدالله بن موسى القبطي المصري المتوفى 844 ه:
نبال لحظ الرشا في وسط قلبي مرق*** ما البيض و السمر ما سود الزرد و الزرق
عاشقك أصغر مململ لهجته في الطرق*** غدار أخضر و خد أحمر و عينين زرق
و هذا الشاعر ابن سكرة الهاشمي يقول في موّال اشتهر به:
جاء الشتاء و عندي من حوائجه*** سبعة إذا القطر عن حاجاتنا حبسا
كن و كيس و كانون و كأس طلى***بعد الكياب و كس ناعم و كسا
و من المواليا التي نظمت غي هذا المعنى لابن سكرة ما كان يُنشد:
لقيتها قلت وقيتي من الآفات***بالله ارحمي صبّك المضني و الا مات
قالت تريد بحدّوثة و خرّافات*** تنصب علينا و تاخذ سادس الكافات.
وأقرب ما يقابل الموّال في الأدب الشعبي التونسي هو ما يسمّى بالعروبي الذي يتكون عادة من بيتين أو ثلاثة. و مما كان ينشد في تونس بين العامة قولهم:
عينيك و حواجبك سود*** وقلبك قليل الدبارة
هالزين واش تعملي بيه*** ماشي لقبرك خسارة
أو:
داويه يا بنت داويه*** شكروك قالو طبيبة
حلي حزامك و دسِّيه*** و الموت راهي قريبة
أو
محبوبتي حلـّفتني *** في كل ساعة نجيها
كاس المحبة سقتني*** محال نصبر عليها
أو هذه اانماذج من العروبي بثلاثة أبيات"
ضجُِّيت يا كثر ضجِّي*** لا لي نجا وين ننجى
من ام الغثيث الخلنجي*** مظفور خجلة بخجله
عامين كفني مسجِِّي*** و نا حي في الموت نرجى
***
ضجِّيت و الضج عبرة*** و عمري مشى لي وعايد
صبرت عدِّيت هجره*** صُبْرَة رجال الوكايد
الناس تمرض و تبرى*** نا طال مرضي بزايد
***
ليام عديتهم مرض*** سبب مرضتي بالغبينة
نمشي جهامة على لرض*** في وسط سوق المدينة
خايف من لكة العرض*** لا تشمت الناس فينا
و على عكس المواليا المشرقية فإن العروبيات غالبا ما تكون مجهولة النـَّاظم. ما عدا ما جاء في نوع الملزومات المعروفة ببيت و عروبي كملزومة "ليعتني بشد الهوى يا دوجة" لأحمد بن موسى أو بعض محلات الشاهد الموثقة لأحمد ملاك و العربي النجار أو الطالب محمد العياري على سبيل المثال لا الحصر.