الوصف اللي عطيته بخصوص الحسينية و الباشية و انقسام البلاد صف ضد صف هي من باب المعلومة ما هيش من باب التدقيق الجغرافي بالبلاد بالبلاد و بالحومة بالحومة. الشيء المؤكد أنه ما تولدتش مع هالفتنة ، و النّاس القدم كانو يسميو هالمواجهة اللي تتوجد في كل قرية و في كل الجهات: صف يوسف و صف شدّاد و كل حد عنده تفسيره لها التسمية الغابرة لدرجة انها ولات مسألة كي الخرّافة، تجي تبحث ما تلقى حتى معلومة تاريخية على اشكون يوسف و آشكون شدّاد، و اللي أكثر من هذا أنها ما وفاتش مع الفتنة يا ما تواصلت حتى لهنا هنا، و ما تنسات وقتيا إلا وقت المواجهة ضد الاحتلال الفرنساوي عام 1881، لأنه العدو كان مشترك و ثمة نوع من الحمية الروحية و الدينية ضد عدو خارج الملة. زيادة على أنه القادة متاع المقاومة اللي حكيت عليهم في تدوينات سابقة كان عندهم تأثير معنوي و زعامة كبيرة خلات الخلافات القديمة تتنسى و الناس الكل يحطو اليد في اليد. و من الطريف اللي لاحظوه بعض الباحثين انه هالشرخ اللي قسم البلاد على زوز نوجدوه في الفتنة اليوسفية تقريبا، بحيث اللي كانو حسينية نلقاوهم بورقيبست و الباشية يوسفيست.
العبرة أنه ما دام أسباب الفتنة ما وقعش استئصالها ، ما دام الدمّالة تتلم مدة وتعاود تخمر و تعمل القيح و السخانة على أقل سبة، بالطبيعة تكون متكيفة بالمعطيات الجديدة للبلاد و تركيبتها الاجتماعية و الرهانات اللي يحركو الفرق ما بين بعضهم، كيف الليسي وين باش يتبنى، و الا السبيطار و الا أنقار الشمنديفير و غيره و غيره من المصالح العامة اللي كل شق يحب يجبدها لجيهته و الا لحومته و الا العركة بين الملعب القابسي و الزليزة أو الحزازات بين المكاكنية و الهلالية أو بين قفصة و القصر و الا العركة بين الربط الاخضر و ربط المسران اللي توللي بين الترجي و الافريقي و غيرها. و الأمثلة عديدة و موجودة في البلاد الكل و كل واحد منكم ينجم يلقاهم من الحياة اليومية من قراكم و دشركم. لا محالة صعيب شوية باش تلقاها في المنازه و المنارات والمروجات و البحيرات(اللاك). برغم اللي ديمة نلقاو محاولات لتركيزات (concentrations) متاع أولاد بلاد وحدة في الأحياء الجديدة من التضامن و قهوة مكتاريس و أولاد عيار و الا جماعة الكريب، لحومة الصفاقسية في قربة و الا قدام الاقواس في المنار، و الا الدويرية اللي احتلو المدينة و ما ثمّاش دار يشموها جاية للبيع تفلت منهم من ترنجة لدريبة غرنوطة لزنقة الناعورة لحوانيت عاشور، و إلا المطاوة في ترنجة و ما متكون بيناتهم من حمية و فزعة و اللهوة بالمحتاجين و الكفالة و جماعة فرانسا....
بالطبيعة أنا في باب الملاحظة الاجتماعية و الأنطروبولوجية و موش في موقف التنديد، و ذكر الشي على واقعه موش معنتها استعلاء عليه و الا اعتباره حاجة خايبة باش نبداو متفاهمين و ما تخرجوش علية فركة و عود حطب.
يقول القايل آشنية ها الاسباب متاع الفتنة النايمة تحت الرماد و تبارك الله المدارس العصرية و الكليات و الجامعات و الانترنات ؟
ثمة مثل فرنساوي يقول: « Chasser le naturel il revient au galop » و احنا حديثنا قياس، الممارسات و السلوكيات الاجتماعية اللي تتعدى كي حليب الام للرضيع يستبطنوها الأفراد داخل عصبياتهم البدائية بطريقة طبيعية تتغلب على ما هو مكتسب عن طريق مؤسسات إنتاج و إعادة إنتاج الأفكار اللي هي المنظومة التعليمية بكل مستواياتها، و الا كيفاش انجمو نفسرو التراجعات الكبيرة اللي صارت ما بين القفزة الهائلة اللي وقعت بعد الاعوام الاولى من الاستقلال وقت البلاد امكانياتها ضعيفة و المشهد اللي نشوفو فيه اليوم و في مجالات عديدة وقت اللي إمكانياتنا أقوى بياسر....
وقت اللي المقترح المجتمعي – اللي يبقى مقترح الدولة- ما عندوش الطاقة لإرضاء انتظارات الناس يحدث عندهم شعور و إحساس بعدم الطمأنينة و يعيشو حالة من الشغلة بصورة لاشعورية تخليهم يرجعو لمنطق شد مشومك لا يجيك ما أشوم و يعاودو يتشبثو في عصبياتهم و تنقاليدهم البدائية متاع حمية العرش و الا القبيلة و الا البلاد و الا العائلة، و لأنه ما عندهم البديل اللي ينجم يمحي القديم و يشد بلاسطه بكل ثقة. بعبارة مقترح و الا مفهوم المواطنة اللي من المفروض كان يلزمو يعوض مفهوم الرعية، - و كل واحد من ها المفاهيم واش وراه من تبعات- ما تمش و ما ثمرش و قعدت الافراد لاهي رعية تعرف آش عليها و آش ليها و ساعة ساعة تصك و ترخي البردعة، و لا هي مواطنين بالفم و الملا يشاركو في صنع مصيرهم ز مصير البلاد من حدها لحدها.
اللي وقع هو تحطيم هيكلة (Déstructuration) البنية التقليدية من غير ما تكون البنية التحديثية مبنية على الساس الدّايم و اللي يضمنها تعويض التقليدي لدرجة الاستغناء عليه. لانه وقع اعتبار التقليدي هو السبب في اللي جرالنا في التاريخ السابق و ما فيه حتى شيء يمكن تثمينه و استغلاله: «رمينا ما الغسيل و الطفل معاه» جيل الحداثة قال لجيل اباته. «أنتم ما عاد تصلحو لشي وقتكم وفي و تاريخكم انتهى و توة تاش نخلقو أمة من أول و جديد من عدم» و كأنها ممكن تتوجد أجيال عفوية
و للحديث بقية
«إذا ننظرو موضوعيا لتاريخ بلادنا، تصدمنا هالنزعة للفوضى و التناحر القبلي، و الغورة اللي يتحمل تبعاتها شعبنا. و حتى تكونو مقتنعين، يكفي أنكم تتطلعو و تقراو صفحات التاريخ المنشورة في جريدة لاكسيون بقلم سي فلان. الأحداث المذكورة بكلها حقيقية و هالمقالات يستحقو باش يتجمعو في مجلدات»
الحبيب بورقيبة 17/12/1967
كل واحد كيفاش يكتب التاريخ و كل واحد كيفاش يقراه و يفهمو و يفسرو.
سي فلان كرّس جزء هام من مقالاته التاريخية في السنوات الأولى من الاستقلال في خدمة الفكرة المحورية لنظرية بورقيبة في« بناء الأمة» و اللي تعتمد على نفي كل ما هو يوحي بأنه في وقت من الأوقات في تاريخ تونس تكونت رابطة بين التونسيين تجعل منهم وطن و أمة أو قومية. هالمقالات جمعهم في كتاب بجزئين تحت عنوان: الفتنة المستمرة بتونس (La sédition permanente en Tunisie) و باطبيعة العنوان واضح المغزى متاعه. و الجزء الأول يمتد من البدايات حتى 1735 في تمبك الحرب الدايرة بين حسينية و باشية، و الثاني يوصل حتى 1827 يحب يقول اللي تونس ما عرفتش بالمرة استقرار سياسي من وقت اللي توجدت في الكون هذا.... بورقيبة حب يكون عندة مهمة تأسيسية توحيدية للأمة التونسية على غرار الشخصيتين الكبار: بيزمارك و كافور اللي وحدو الاول ألمانيا و الثاني إطاليا بفارق صغيرأنه هو يمشي أبعد منهم الزوز ماهوش باش يوحد هو باش يبعث للوجود الأمة التونسية و هالنظرية سخرلها مجهودات جبّارة من الأيام الاولى للاستقلال من الجملة ثمة واحد صحافي فرنساوي كتب عليه كتاب Félix Garas, Bourguiba et la naissance d’une nation, éd. Julliard, Paris, 1956- بالطبيعة الكتب اللي كيما هكة هي طلبية خلصتها الميزانية التونسية
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire