كبّر المغرب ، هزُّوا
الجماعة ارواحهم قاصدين جامع القصر، القلفة كب على الكور عقاب معجنة حديد باش تطفى
على هداها وعلق سلسلة الكير في موثق.
بات الرزق.
...
في فضاء الحاضرة، من آخر القرن الفايت، اتكون بين أهل
جاليات الجنوب تقارب عفوي وتوادد طبيعي يفوتو ردالفعل متاع الناس لاحتياجهم باش
يتآزروا ويتضامنوا ويوقفوا لبعضهم والا هاك العصبية والجهوية.
كانزا ها الناس الطيبين، جريدية ومطاوة وقوابسية وحوامية و ورغمة ونفزاوة وغيرهم
من تمزرت وبني خداش، يبنيوا من جديد جزر الولفة بيناتهم باش يتلموا فضاء هالمدينة بين
أسواق الصنايع ومضارب خدمهم وحوم السكنى متاعهم وبقايع لمتهم وقعداتهم. من المر
إلى ترنجة، و من الحفصية إلى الصباغين، و من الرحيبة إلى لبطخة رمضان باي من سيدي البشير للحجامين، والا في دواير الجامع
الأعظم من مقاهي و مكتبات و بياعة كتب نادرة و وراقين و حوانت التسفير و محلات ما
تبقَّى من الصنايع والحرف العديدة، ها لبقايع
وما تحملها من تاريخ قديم و ما يغلي داخلها من حرمة ومتغيرات، كانت بالنسبة لهالمغتربين
– اللي عمرهم ما يصبروا على فراق أوطانهم-
وكر جديد يتلم فيه ميعاد الوطْن المفقود يتبادلوا فيه أخبار البلاد والأهل غادي، و
يستخبروا على أحوال المطر و الصابة و يتقاسموا الأحزان و العزاء كي يفقدوا قريب ولآ
حبيب، ويعيشوا ويمارسوا غرامهم الكبير من قديم الزمان: حلاوة الفدلكة وتقعيد
الكلام وترتيب المعاني والقوافي وموازين الاشعار، وقت ما يتواتر ويتمازج فيه الشعر
ومحلات الشواهد والحكاية بالفكاهة الذكية ودقان الناب.
« خدامة-حزام » والآ
أعيان، متعلمين والا عقوبة ربي، أصحاب صنعة والا حمَّالة حبل، طلبة بالزيتونة والآ
بطَّالة، يتلموا فيما بينهم بلا كلفة ولا
حرج، ما تفرقهمش الحواجز اجتماعية، وتشدهم روابط القربى، عائلات و عروش و قبائل والا
على ريحة الريحة . و هكاكة تتكون الحلق في المدينة ما بين الربط والربط، و تستاسع
و تتقاطع مع حلق أخرى، دافعة حدود الخصوصيات المحلية و متجاوزة اختلاف اللهجات، تحركها دوافع صحبة متينة وشدَّان اكتاف ما عندوش حَدْ، في وقت
ادقدقت فيه حوم المدينة العتيقة وكسدت تجارتها وفلست صنايعها وعمت البطالة على الشيب والشباب و رمات
الميزيريا كلاكلها على ظهورات عباد من أصلهم لا عاد لا عندهم لا جهد ولا حيل ولا
قوة، لين برشة منهم انساقوا شيء للشراب والبعض للسبسي والبشقي والبعض الآخر للنفة
والموكايين....
هاالحلق اللي تنبض بالحياة
وتتوهج دفاء، هي اللي كانت نوع من
المقاومة ليهم وسبب باش برشة منهم ما يذوبوش وينصهروا في المجتمع الحضري، وما
فقدوش ذاتهم.
موعد الجماعة في بطحة
رمضان باي، بعد صلاة المغرب، البطحة ما هيش كبيرة، أمَّا جاية صُرَّة يتصبُّوا
فيها خمسة نهوجات، هي وحدة من البطاحي اللي يتلاقاوا فيها الدويرات من الزمان
القديم. سي عبدالواحد جاي يترشَّق في جبة مقردش نسيجة جريدية زيقة بزيقة حرير تونس
وصوف تصديرتها حرير بالمرشات من يدين معلم بشمار، ولحفة كاشمير على اكتافه وشاشية
قرْمز كوشنيل وفي ساقيه صبَّاط بلدي فرنيز أبيض بلاش ربايط. كانك من امحمّد حطّلها
بلوزة مدورة قمراية شخمة وسورية كرية بيضة وعنقر الشاشية اللي وعده بيها محمود وفي
ساقيه كنترة.
خلطوا للبطحة من نهج
سيدي بنعروس يلقاو الجماعة يستنَّاوا فيهم في ندخل السدة عجولة، بن جامع التامزرتي
وبن حمعة الدويري وبن عمر دبيرة وسكامبة من السعفة الكلهم في أحسن هيَّة ولبسة
عارفين ارواحهم باش يغنيوا في محفل متاع بلدية.
يعد السلامات
والتوشحيل، شدوا الثنية لنهج عنق الجمل يلقاوا جماعة شلبي يستناوا فيهم في
السقيفة، فرحوا بيهم وخذاوا من عند الغناية وسعفاهم محارم اليد
كيما جرات العادة – باش يرجعوهم لهم ملاية بالفاكية والحلوى- والغنَّايا
كيف ما هو دارج ما يغنيوش بالآجرة.
في بالهم باش يدخلوا،
استوقفوهم مشايخ دار شلبي وقال لهم كبير العيلة:
-
كيف ما تعرفوا دار شلبي دار علم ومشوخة، من توة نمدُّوا يدينا
نقراوا فاتحة ونصلليوا على النبي وماكمش في حاجة لا طريق مكفّر ولا حج. ادخلوا طول
في اللي ساهرين من أجله.
الغنَّايا
فهموا اللي مطلوب منهم ولا قالوا لا علاش ولا كيفاش. مدُّوأ ايديهم وقراوا الفاتحة
وخلآوا كبير الجماعة عمل سلسلة متاع أدعية وهوما يعاودوا بعده آمين ومسحوا إيديهم
على وجوههم و من بعد مشاوا وراهم لوسط الدار باش يدخلوهم لبيت الادبا.
يتبع...
يتبع...